"لا وجود للسحر - لا، إنه موجود"
هناك عدد لا يحصى من القصص التي تحمل أجواء كرة القدم إلى مصاف الخرافة والشعوذة والسحر. وفي الواقع، ربما كان عالم كرة القدم هو الوحيد الذي يعتقد فيه الكبار الأكثر موهبة ومؤهلات أن عليهم بالإضافة إلى ذلك أن يؤدوا طقوسا بعينها لكي يلمع نجمهم على أرض الملعب. لذا، فجميع من يؤمنون بوجود مثل هذه الخرافات والطقوس في كرة القدم يرون أن كأس العالم جنوب أفريقيا 2010 FIFA تحمل جميع المؤشرات لتتحول إلى ثالث كأس يفوز بها المنتخب الأرجنتيني. هذا على الأقل ما تدل عليه العديد من المصادفات مروراً بلعنة السنوات الأربع والعشرين، وجائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبي، ثم كرة المضرب الأرجنتينية. إذا كنت من غير المؤمنين بهذا الأشياء، تابع معنا وقد تفاجأ كما تفاجأنا نحن!
المعاناة واللعنة
في بداية استعراضنا لعدد المصادفات التي حدثت فيما بين عامي 1986 و2010، علينا أن نعرج أولاً على مرحلة التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم FIFA. فقد عانت الأرجنتين حتى آخر مباراة قبل أن تضمن المرور إلى نهائيات المكسيك 1986، وجاء التأهل بفضل هدف سجلته في مرمى بيرو في الدقائق الأخيرة من عمر المباراة. وكان الهدف الحاسم على ملعب مونومينتال الشهير بتوقيع اللاعب الأشقر الطويل القامة ريكاردو جاريكا الذي كان آنذاك يلعب في الدوري المحلي. ألا يوجد تطابق تام بين هذا الهدف والهدف الذي سجله عام 2009 اللاعب مارتين باليرمو وسط الطوفان، أم أن الأمر من محض الصدفة؟
بيد أن المشككين سيقولون هنا إنها مجرد نزوة من نزوات القدر تتكرر كل 24 سنة. ألم نقل 24 سنة؟ إنها بالتحديد فترة القحط التي مر بها المنتخب البرازيلي ما بين عامي 1970 و1994، رغم أن منتخبات السامبا التي تعاقبت خلال تلك الفترة كانت من أفضل منتخبات العالم على مر التاريخ. ألم تكن هذه اللعنة أيضاً هي نفسها التي عانى منها المنتخب الإيطالي فيما بين عامي 1982 و2006، أي خلال 24 عاماً أيضاً. وإبان تلك الفترة خسر المنتخب الإيطالي بركلات الجزاء الترجيحية على أرضه أولا عام 1990، ثم في نهائي الولايات المتحدة 1994. وفي شهر يونيو/حزيران المقبل ستكون قد مرت 24 سنة بالتمام والكمال على آخر تتويج للمنتخب الأرجنتيني في كأس العالم.
وإذا كنا نتحدث عن المنتخب الإيطالي فلن يمكننا أن نغفل أنه وصل إلى المكسيك عام 1986 وهو يدافع عن اللقب، كما سيكون عليه الحال في جنوب أفريقيا 2010. ألم تقتنع بعد؟ فلنعد إذن بالذاكرة مع الأرجنتين إلى نهائيات كأس العالم عام 1986، لقد كان قد تم اختيارها لاستضافة كأس أمريكا الجنوبية كوبا أمريكا في العام التالي، وهي نفس البطولة التي ستستضيفها العام المقبل 2011.
سنة الجوائز
"في عام 1986 كان لدينا مارودنا، والآن لدينا ميسي"، كان هذا تصريح كارلوس بيلاردو لموقع FIFA.com عقب سحب قرعة نهائيات كأس العالم في كايب تاون عام 2009، وهو اليوم الذي عرفت فيه الأرجنتين أنها ستواجه كوريا الجنوبية في الدور الأول، على غرار نهائيات المكسيك 1986.
وتابع منسق المنتخبات الوطنية الأرجنتينية، وهو من أشد المؤمنين بوجود السحر إذا كان هناك من يؤمن به، مبرزاً الصدفة المتمثلة في أن تشكيلة التانجو ستضم في صفوفها في نهائيات جنوب أفريقيا 2010 FIFA أفضل لاعب على الصعيد العالمي، على غرار ما حدث في كأس العالم 1986. إلا أنه، وربما من باب التواضع، لم يذكر أنه ودييجو مارادونا كانا آنذاك يقودان على أرض الملعب تلك التشكيلة التي حققت الحلم الأرجنتيني عام 1986، كما سيقودانها الآن وإن كان من خارج المستطيل الأخضر.
فالقرارات هذه المرة ستكون بيد مارادونا ولن تنقصه بدون شك لا المؤهلات ولا المواهب لتشكيل مجموعة رائعة قادرة على تلبية جميع متطلبات لعبة كرة القدم بصورة لا تشوبها شائبة. وخارج كرة القدم المحضة، لكن في نفس السياق، لابد من الإشارة إلى ظروف وأوضاع أخرى من قبيل أن الفيلم الذي حمل عنوان "التاريخ الرسمي" تحول عام 1986 إلى أول فيلم أرجنتيني ينال جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي. وقد شارك في أدوار هذا الفيلم الطويل الذي أخرجه لويس بوينزو طفل اسمه بابلو راجو، تولى بعد البلوغ دور البطولة في فيلم "السر في عيونهم" الذي فاز بدوره في عام 2010 بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي!
وبالإضافة إلى كل هذا توجد مؤشرات أخرى تدل على أن الأرجنتين ستتوج ببطولة العالم القادمة في القارة السمراء. فالكثيرون يبرزون بهذا الخصوص أن جميع نهائيات كأس العالم FIFA التي نظمت خارج أوروبا وأمريكا الجنوبية كان أبطالها من أمريكا الجنوبية. بينما يبني آخرون ثقتهم في منتخب التانجو على أن موديستو فازكيز، القائد الحالي للمنتخب الأرجنتيني في كأس ديفيز، كان يتبوأ نفس المنصب عام 1986... على كل حال، يحبذ موقع FIFA.com أن يكون التركيز على الجانب الكروي المحض، فلا وجود للسحر، أم أنك ترى عكس ذلك؟