تمارين ترويض النفس.. طرق متنوعة من الإيحاء الذاتي لدى الشباب



البعض من الرجال والنساء والشبّان والفتيات، يمارسون تمارين رياضية في تربية الإرادة، وتقوية التحكّم بالنفس والسيطرة عليها، وشعارهم الحديث الشريف : أفضل الأعمال أحمزها أي أشقّها وأصعبها، والشجرة البرية أصلب عوداً وأكثر وقوداً. فهم قد يكونون بين خيارين : أحدهما سهل، والآخر صعب.. فيختارون الصعب ؛ لأنّهم بذلك يزيدون في متانة إرادتهم وتقوية عودها، واكتساب المناعة واللياقة لمواجهة التحدّيات والشهوات والضغوط.


البعض مثلاً كان ينام في النهار لساعة أو ساعتين، لكنّه قرّر أن يوقف هذه العادة ويلغيها من برنامجه اليوميّ.


شعر بالصداع ليوم أو يومين أو لبضعة أيام، ثمّ ما هي إلاّ أيام أُخَر حتى اعتاد الوضع الجديد، فرأى أنّ الصداع الذي ألمّ به بعد ترك عادة النوم ظهراً وهميّ، أو أ نّه ردّ فعل طبيعيّ لترك عادة مستحكمة تحتاج إلى وقت حتى يزول تأثيرها.
البعض ترك الشاي.. وشعر أيضاً بالصداع، لكنّه ما لبث أن قهر هذا الشعور، وما لبث أن استقامت حياته بدون الشاي، وكأنّ شيئاً لم يكن.


البعض ترك التدخين.. وشعر كذلك بالصداع والشوق إلى الدخان، لكنّه تغلب عليه بالصبر والمران والمقاومة.


البعض كان إذا غيّر مكانَ نومهِ لا ينام، بل إذا تغيّرت وسادته، لا يأتيه النوم ويبقى أرقاً قلقاً حتى الصباح، لكنّه بشيء من التصميم غلب هذه العادة وكسر هذا القيد.. جرّب أن ينام في غير فراشه وسريره.. أن ينام على الأرض، وأن يضع أي شيء تحت رأسه حتى ولو كانت يده، وربّما استغنى عن يده ونام بلا وسادة.
في البداية تململ، وتقلّب في ضجعته الجديدة عدّة مرّات.. لكنّه آلى على نفسه أن يتجاوز الحالة التي أسرته طويلاً.. ونجح.


هذه التمارين في تربية الإرادة، والخروج على السائد والمألوف، لا تتأطّر بالأمور المادّية فقط، بل بكلّ شيء، وهي دليل آخر نضيفه إلى أدلّتنا في أنّ تغيير الطباع والعادات ممكن ميسور.


وفي السياق نفسه، يمكن الحديث عن (التلقين الذاتي) الذي قد يعتبره البعض خداعاً وتمويهاً وإيهاماً للنفس، لكنّه سلاح مجرّب من أسلحة تغيير الطباع الذميمة والعادات السيِّئة.
فالنفسُ راغبة ٌ إذا رغّبتها *** وإن تُردُّ إلى قليل تقنع


إنّ قولك : (سأحاول)، (سأعمل)، (سأبذل قصارى جهدي)، (سأطبّق ما وعدت به)، (سألتزم بما اتخذته من قرارات).. قد يكون فيه شيء من التصميم على العمل، لكنّ قولك : (أنا قادرٌ على فعل ذلك)، أو (أعرفُ أنّ الأمر لا يخلو من صعوبة، لكن بشيء من الصبر سأذلّل تلك الصعوبة).. وخاطب نفسك :


(ابذل جهداً آخر.. حاول ثانية.. خطوة أخرى وتصل، لم يبق إلاّ القليل.. لستَ أقلّ من غيرك ممّن صمّموا، فوصلوا إلى مبتغاهم.. كانت لديهم الإرادة وأنت تملكها.. ما ينقصك هو الإصرار على التنفيذ.. توكّل على الله فهو حسبك!.. أليس الله بكاف عبده!.. ما دام ذلك في عين الله فلا أبالي.. إلخ.


هذه الطريقة من الإيحاء الذاتي، تمنحك قوى معنوية إضافية، ومواجهة نفسية.. تحتاج إليها في معارك الانتصار على الضعف والطباع الرديئة والعادات المخجلة.



تحيتي لكم ....